القاهرة (الاتحاد)

بدأ الفنان شكري سرحان خطواته الأولى في التمثيل‏ أثناء دراسته الثانوية، والتحق بأول دفعات المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه العام 1947، وشاهده المخرج محمد عبدالجواد في إحدى المسرحيات ورشحه للمشاركة العام 1948 في فيلم «هارب من السجن». حالت ظروف ارتباطه بالمسرح دون القيام بدوره في الفيلم، وحل بدلاً منه فاخر فاخر، ثم اختاره في العام التالي المخرج حسين فوزي للمشاركة في فيلم «لهاليبو» أمام نعيمة عاكف، وكانت أحداث الفيلم حول راقصة شابة تدعى «لهاليبو» لا يريد جدها الباشا الاعتراف بها بعد وفاة والديها بسبب كرهه للبنات، وتتنكر في زي فتى وتذهب للإقامة معه، وفي الوقت نفسه تستمر بعملها كراقصة، وتقع في حب «أمير» الذي جسد دوره شكري سرحان.
كان سرحان يعمل في ذلك الوقت في فرقة يوسف وهبي المسرحية «رمسيس» وكانت الفرقة في جولة في مدن الصعيد وأثناء وجوده هناك تلقى برقية بضرورة العودة للقاهرة لتصوير دوره في «لهاليبو».
وذكر شكري في مذكراته الشخصية أنه احتار كثيراً أمام هذا الموقف، حيث أن يوسف وهبي لم يكن ليسمح له بمغادرة الفرقة والعودة للقاهرة، وهو لا يرغب في تضييع فرصة عمره.
وهداه تفكيره للاتفاق مع زميله عمر الحريري سراً ليقوم بدوره، وأنه لن يلاحظ أحد الفرق بينهما لصغر دوريهما، وهذا في حالة عدم تمكنه من العودة في الليلة نفسها، وذهب إلى القاهرة وصور أول مشهد له.
توقف الباحث والمؤرخ وسام أبو العطا عند أول جملة لشكري في أول مشهد، وكانت: أغور ليه هو أنا داخل ببلاش، أنا ذوق، وهادخل غصب عنك يا قليل الذوق، حيث كان يفترض أن يدخل «شكري» أو «أمير» في الفيلم ليشاهد «لهاليبو» في السيرك الذي يحاول صاحبه منعه لأنه يغار عليها.
توجه سرحان بعد انتهاء التصوير فوراً إلى محطة الجيزة لكنه لم يجد أي قطار يعيده للمنيا، ووجد سيارة محملة بالسولار في أول طريق الصعيد، واتفق مع صاحبها لتوصيله لأقرب مكان للمسرح، ووصل قبل موعد دوره بخمس دقائق، ولكن أمره كان قد انكشف، ووجد يوسف وهبي يقف غاضباً على باب الممثلين، وأخبره أنه تم فصله من المسرح. لم يستطع شكري التحدث ودخل المسرح وقدم دوره، ثم جهز أشياءه بعد المسرحية ليرحل للقاهرة، وفوجئ بطلب يوسف وهبي له، وبعدما قابله طيب خاطره، وطلب منه ألاّ يتعجل، وأكد له أن الشهرة هي التي ستجري وراءه يوماً ما، وهو ما حدث بالفعل، حيث مثل شكري حالة خاصة جداً في السينما المصرية، وكان النجم الوحيد من أبناء جيله الذي استطاع التعبير عن أبناء الطبقة المتوسطة بصدق.